المشرف وسام النجوم الذهبية
عدد المساهمات : 215 نقاط : 6050 تاريخ التسجيل : 26/12/2009
| موضوع: درس الغيــــر. الأحد فبراير 07, 2010 2:53 pm | |
| ----------
درس الغير تقديـــــــم: الغير، الأنا الذي ليس هو أنا، كما يقول سارتر ، مفهوم من مفاهيم مجزوءة الوضع البشري وما يقتضيه هذا الوضع من علاقات بشرية بكل أبعادها الأنطولوجية و الفكرية والعاطفية ،يثير هذا المفهوم ، عدة إشكالات جوهرية ،نابعة من مفارقة غريبة ، فالغير ،ذات ،بقدر ما تختلف عني ،بقدر ما تشبهني ، بل وجوده ضروري لوجودي ،ووجودي ضروري لوجوده ، كما أن موقفي منه شبيه بموقفه مني ، إننا نتشابه ونختلف في آن واحد ، إنها علاقة معقدة وملتبسة.
لكن من هو هذا الغير ؟ انه كل ذات تقول: “أنا “في مقابل أناي ، قد يكون قريبا أو غريبا أو أجنبيا أو أي شخص ليس هو شخصي ، لكن له نفس الكيان ونفس الشعور ،بل ونفس الحقوق والواجبات ،انه أنا آخر ، هذا هو الغير، وجوده يحيرني ، أحاول معرفته ، وأدخل معه في علاقات متعددة. بل أن معرفتي بذاتي لا تثم إلا من خلاله ، وعلاقتي بأناي لا تكون إلا عبر علاقتي به. إن الأنا يحمل الغير في ذاته ويوجد في ثنايا تجربته وفي جسده ،لكنه يواجهه أيضا جسديا ورمزيا في العالم .انه الشبيه و المختلف ، القريب والبعيد ، الصديق والغريب.
الطرح الاشكالي :
يرى < ديكارت > أن الأنا يستمد وجوده من وعيه بذاته ، أي من خلال فعل التفكير ، غير أن فعل التفكير يقتضي المفكر فيه أي الموضوع ، فنحن لا نفكر في اللاشيء ،بل لابد لنا من شيء نفكر فيه ، لكن ما هو الشيء أو الموضوع الذي نفكر فيه ؟ انه ذلك الأنا الآخر ، له ذات مغايرة أو ذات مماثلة لي . هنا يصبح الغير موضوعا للتفكير،موضوعا يطرح علي عدة تساؤلات : ما الغير ؟ هل هو آخر يشبهني أم يختلف عني ؟ ماذا يشكل وجوده بالنسبة لوجودي أنا ؟ هل بالإمكان معرفته ، وعلى أي أساس تصبح هذه المعرفة ممكنة ؟ هل من خلال انطباعاته الداخلية أم من خلال سلوكا ته وردود أفعاله الخارجية ؟ما طبيعة العلاقة التي تربطني به ، هل هي علاقة إقصاء ونبد ،أم هي علاقة اعتراف وتعاطف ؟ ماهي القيم و الرهانات الأخلاقية المترتبة عن علاقتي به ؟
اا لــمـحـور الأول : وجـــود الــغـيــر ] لقد ظهر ، مفهوم الغير باعتباره آخر، أول مرة مع هيجل في كتابه < فينومينولوجيا الروح > مبرزا طبيعة العلاقة بين الأنا والغير. فاذا كان ديكارت يؤكد أن الوجود الحقيقي هو وجود الأنا الذاتي ، الذي يمارس التفكير ويعي ذاته ، فان هيجل سيعتبر أن الوعي بالذات ليس هو معرفة الأنا لذاته ، بل هو التعرف على ذاته في موضوع غريب عنه .فكل ذات ترغب في أن يعترف بوجودها من طرف ذات أخرى تواجهها . لكن كيف يتحدد هذا الوجود ؟ وما هي طبيعة وجود الغير ؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الأنا والغير؟ هل يمكن لأحدهما أن يوجد بمعزل عن الآخر
*-هايدغر : ان الوجود مع الغير ،في الحياة اليومية المشتركة ،يفرغ الذات من إمكاناتها أو تفردها ،فيفقد هويته إذ سيشبه جميع الناس وكأنه لا ا حد.
*- سارتر : - بين الأنا والغير صراع ناتج عن نظرة كل منهما للآخر ، غير أن هذا الصراع ضروري لكي تحقق الأنا وعيا بذاتها بوصفها ذاتا حرة متعالية. -الغير هو وجود أنا آخر. أنا مماثل لأناي ،إلا أنه مستقل عنه ، لكن وجود الغير هو كذلك نفي لأناي ، من حيث هو مركز للعالم.
*- موريس ميرلوبونتي : لايمكن تشييء الغير والنظر اليه كموضوع في عالم الأشياء ،لأن له وجود في ذاته ووجود من أجل ذاته ، فالمفكر والمفكر فيه يختلطان داخل الغير ،و لا مكان للغير ولتعددية الوعي في الفكر الموضوعي.
المـحـور الـثـانـي : مـعـرفـة الـغـيـر
تشكل ثنائية الأنا والغير علاقة معرفية (ابستيمية )، إنها علاقة ذات بموضوع ، فلابد لأحدهما أن يمثل الذات العارفة ولابد للآخر أن يمثل الموضوع المعروف ، و من هنا تطرح الإشكالية ،فإذا كان الغير موجودا ، فهل هناك إمكانية لمعرفته ؟ ثم ما قيمة المعرفة التي يقيمها الأنا حول الآخر ؟ أي هل يمكن معرفة الآخر معرفة دقيقة ؟
*- هوسرل : معرفة الغير ممكنة في البينذاتية " التداخل الذاتي ". فعن طريق التوحد بالآخر حدسيا ، يصبح هو أنا وأنا هو . انه عالم البينذاتية الذي يؤسس العالم الموضوعي.
*- ميرلوبونتي : يمكن معرفة الغير عندما يدخل الأنا و الغير في علاقة الاعتراف المتبادل بكل منهما في فرديته وحريته ووعيه ،فعندما ينفتحان على بعضهما البعض يحدث التواصل ، ان الذات لاتعيش بمعزل عن الآخرين .
*- مالبرانش : معرفة الغير صعبة .
*- بيرجي : بين الآخر والأنا جدار سميك ،فالأنا الذاتية لها تجربتها المعزولة في العالم ، ومن ثم فمعرفة الغير للأنا أو معرفة الأنا للغير معرفة غير ممكنة .
*- سارتر : ان بناء معرفة محايدة عن الآخر يتطلب تشيييء هذا الآخر ،إلا أن هذا الآخر ليس كأي آخر، انه يتميز عن كل أشياء العالم المادي ، ومن تم لا يمكن معرفته ، بسبب تعذر الموضوعية وتدخل الوعي و الإرادة والحرية.
المحور الثالث : العلاقة مع الغير
إن العلاقة مع الغير علاقة مركبة غنية بثنائيات محددة ، فهناك الصداقة في مقابل الكراهية ، الحب مقابل العداوة الوفاء مقابل الخيانة الخ... من هنا تطرح الإشكالية الفلسفية لعلاقة الأنا بالغير، و يمكن صياغة أسئلتها كالتالي : لماذا يرتبط الأنا بالآخر ؟و ما طبيعة العلاقة التي تربط الأنا بالغير ؟ هل هي علاقة محبة و احترام،أم علاقة نبذ و إقصاء ؟ و ما هي الشروط التي تجعل هذه العلاقة ممكنة ؟ و علي أي أساس تنبني هذه العلاقة ؟.
*- كانط : الصداقة علاقة محبة متبادلة بين الأنا و الغير وهي أسمى وأنبل العلاقات الإنسانية،أساسها الإرادة الأخلاقية الخيرة ، فالصداقة كواجب أخلاقي تقتضي وجود مساواة وعلاقة تكافؤ إنها نقطة التقاء الحب و الاحترام .
*- هيجل : [b]أساس العلاقة مع الغير هو أن كل وعي يدخل في علاقة مع وعي آخر يبحث من خلالها عن اعتراف بسيادة وعيه ،انها جدلية العبد والسيد . [/b] *- دوكلاس : إن الإنسان وجد لكي يحب وينفتح على الآخرين ويدوب فيهم ، والعلاقة بين الأنا والغير تتأرجح بين القبول والنفور ، بين الصداقة والخصام ، لكن وفي جميع الأحوال تفضي هذه العلاقة إلى الذوبان ،فالحب يعني إلغاء للذات وتحويلها لموضوع.
*- أفلاطون : إن الصداقة الحقة تقوم على الفضيلة أي أنها تطلب لذاتها ، ان هذا النوع من الصداقة ضروري للحياة ، اذ هو الكفيل بالقضاء على أشكال العداوة و التنافر ،مما ينتج عنه انتشار العدالة .
------------------- | |
|